الزلازل ظاهرة طبيعية معقدة ومؤثرة تمتد آثارها إلى مختلف أوجه الحياة البشرية والبيئية. تتمثل في هزات أرضية مفاجئة ناجمة عن إطلاق طاقة مخزنة داخل القشرة الأرضية. تحدث الزلازل لأسباب متعددة، ويمكن تصنيفها إلى أنواع رئيسية بناء على مسبباتها والبيئات التي تنشأ فيها. في هذا التقرير، نستعرض أنواع الزلازل وآليات حدوثها.
الزلازل التكتونية
الزلازل التكتونية هي الأكثر شيوعا وتشكل نسبة كبيرة من الزلازل التي تسجل عالميا. تنتج هذه الزلازل عن حركة الصفائح التكتونية، وهي ألواح ضخمة تشكل القشرة الأرضية وتطفو على الغلاف المائع للأرض. تحدث الزلازل التكتونية نتيجة تصادم الصفائح، انزلاقها أو تباعدها.
الزلازل الناتجة عن التصادم: تنشأ عندما تتحرك صفيحتان نحو بعضهما، مثل الزلازل التي تحدث على حدود الصفائح المتقاربة. مثال على ذلك الزلزال الذي ضرب نيبال عام 2015، نتيجة تصادم الصفيحة الهندية مع الصفيحة الأوراسية.
الزلازل الناتجة عن الانزلاق: تحدث في مناطق الصفائح المتحركة أفقيا، كما هو الحال في صدع سان أندرياس في كاليفورنيا.
الزلازل الناتجة عن التباعد: تظهر على حدود الصفائح المتباعدة، مثل المناطق الوسطى للمحيطات، حيث تنشأ صدوع جديدة بسبب تمدد القشرة.
الزلازل البركانية
ترتبط الزلازل البركانية بالنشاط البركاني، وهي أقل شيوعًا مقارنةً بالزلازل التكتونية. تحدث عندما تتجمع الصهارة (الماغما) أسفل البركان، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل الأرض. تتسبب هذه العملية في تشقق الصخور وانبعاث الطاقة على شكل زلازل.
تعتبر زلازل إندونيسيا مثالا على الزلازل البركانية، إذ تقع الدولة على حلقة النار الشهيرة في المحيط الهادئ، حيث تلتقي الأنشطة البركانية والزلازل بشكل متكرر.
الزلازل الانهيارية
تنجم الزلازل الانهيارية عن انهيار الكهوف أو التجاويف الجوفية الناتجة عن الأنشطة البشرية أو الطبيعية. غالبًا ما تكون هذه الزلازل محدودة القوة، ولكنها قد تسبب أضرارًا محلية في المناطق المحيطة. مثال على ذلك، الزلازل التي تحدث نتيجة انهيار مناجم أو انهيار كهوف الحجر الجيري.
الزلازل الاصطناعية
تُعرف الزلازل الاصطناعية بأنها تلك التي تسببها الأنشطة البشرية. تشمل هذه الأنشطة التعدين، ملء السدود الكبيرة، أو التفجيرات النووية تحت الأرض. على سبيل المثال، سجلت زلازل في الصين نتيجة ضخ كميات كبيرة من المياه في خزان سد زيبينغبو ، مما زاد الضغط على الصخور المحيطة.
الزلازل الزلزالية (Induced Seismicity)
يعد هذا النوع من الزلازل مزيجًا بين الطبيعي والاصطناعي، حيث تحدث نتيجة أنشطة بشرية تؤثر على العمليات الجيولوجية. على سبيل المثال، حفر آبار النفط والغاز أو عمليات التكسير الهيدروليكي قد تؤدي إلى إطلاق الطاقة المخزنة في الصخور المحيطة، مما يسبب زلازل صغيرة إلى متوسطة القوة.
كيف تحدث الزلازل؟
الزلازل بشكل عام تنشأ عندما تتجاوز القوى الداخلية للأرض الحد الأقصى الذي يمكن أن تتحمله الصخور، مما يؤدي إلى انكسارها أو انزلاقها على طول الصدوع. يُطلق هذا الانكسار الطاقة على شكل موجات زلزالية تنتقل عبر القشرة الأرضية، مسببة اهتزازات تختلف شدتها حسب كمية الطاقة المحررة.
المراحل الأساسية للزلازل
1. التراكم الطاقي: تخزن الطاقة داخل الصخور نتيجة الضغوط الناتجة عن حركة الصفائح.
2. النقطة الحرجة: تصل الصخور إلى حد التحمل الأقصى، فتبدأ بالانكسار.
3. الإفراج عن الطاقة: تُطلق الطاقة المخزنة على هيئة موجات زلزالية تنتشر من مركز الزلزال (البؤرة).
4. الآثار السطحية: تعتمد قوة الزلزال على موقعه، عمقه، وطبيعة الموجات الزلزالية الناتجة.
قياس الزلازل
لقياس شدة الزلازل، يتم استخدام مقياسين رئيسيين:
مقياس ريختر: يحدد مقدار الطاقة المنبعثة من الزلزال.
مقياس ميركالي المعدل: يقيم شدة تأثير الزلزال بناءً على الملاحظات والدمار.
أهمية فهم أنواع الزلازل
يُساعد تصنيف الزلازل في تحديد مناطق الخطر ووضع خطط للتعامل معها. كما أن دراسة الأنواع المختلفة تتيح للبشرية تطوير وسائل للتنبؤ بحدوثها، خاصة الزلازل التكتونية والبركانية.
الزلازل ظاهرة طبيعية ذات تأثير واسع النطاق، تختلف مسبباتها وآثارها حسب نوعها. سواء كانت ناتجة عن حركة الصفائح التكتونية، النشاط البركاني، أو التدخل البشري، فإن فهم آليات حدوث الزلازل يمثل خطوة حاسمة نحو تقليل الأضرار الناجمة عنها.
اقرا ايضا:
هذا المحتوى مقدم من بلادنا 24
