تراخيص النفط والغاز.. كيف يمكن لليبيا جذب شركات الطاقة العالمية؟

بعد سنوات من التحديات الأمنية والسياسية، تُعلن ليبيا عن اقترابها من استكمال جولة عطاءات عامة هي الأكبر في تاريخها لاستكشاف النفط والغاز، في خطوة طموحة تهدف إلى اجتذاب شركات الطاقة العالمية وإحياء قطاعها النفطي الذي يعد شريان الاقتصاد بما يتجاوز 90% من إيراداته.

الحديث الليبي الرسمي يشير لتجاوب من شركات عالمية واقتراب موعد تقديم عروض الشركات وفتح مظاريف العطاءات في فبراير 2026، التي تعد الأولى منذ أكثر من 17 عاما، وتغطي 22 منطقة نفطية للتنقيب والتطوير، منها 11 بحرية و11 برية.

ويضع خبراء اقتصاد ونفط واستراتيجية تحدثوا لـ«إرم بزنس» خارطة طريق لجذب تلك الشركات وإنهاء مخاوفها بشأن أي اضطرابات مستقبلية، منها تعديل التشريعات وتوفير بيئة استثمارية مستقرة ومحفزة ودعم القطاع ومواجهة البيروقراطية والقضاء على الانقسام، مشيرين إلى أن التحديات عديدة لتنفيذ ذلك لكن الفرص أكبر في ظل موقع ليبيا المتميز والاحتياطي الكبير.

ويعتمد الاقتصاد الليبي بنسبة تفوق 90% على النفط، وبلغت إيراداته 79.4 مليار دينار (14.65 مليار دولار) في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وفقاً لمصرف ليبيا المركزي.

وتعتمد ليبيا على حوالي 98% من احتياجاتها للطاقة من النفط والغاز، فيما تقدر احتياطياتهما شبه الرسمية، بنحو 48.8 مليار برميل نفط و 1.4 تريليون متر مكعب من الغاز، بينما يمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96% من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98% من إيرادات خزينة الدولة.

ليبيا والعراق تفتحان أبواب النفط للشركات الغربية بشروط مغرية

خارطة طريق

ويعتقد رئيس منتدى بنغازي للتطوير الاقتصادي والتنمية المحلل الاقتصادي، خالد بوزعكوك، في حديث لـ«إرم بزنس»، أنه يمكن لليبيا جذب المزيد من شركات النفط العالمية من خلال خارطة طريق تتضمن توفير بيئة استثمارية مستقرة ومحفزة، تعديل التشريعات والقوانين المعرقلة للاستثمار، ومواجهة النظام البيروقراطي المتغلغل في القطاع، ودعم مشاركة القطاع الخاص ومنحه فرص اكثر من خلال المشاركة مع الشريك الأجنبي فهو أكثر مرونة وأقل بيروقراطية خاصة وأغلب شركات البترول العالمية هي ملكية خاصة.

وأمام هذه الخارطة تبرز تحديات بحسب بوزعكوك، تتمثل في حالة عدم الاستقرار الأمني و الانقسام السياسي والمؤسسي، وتآكل البنية التحتية للمصافي والآبار والمعامل وخطوط نقل النفط والغاز، وضعف مخصصات التنمية لهذا القطاع من العملة الصعبة والمنافسة العالمية والإقليمية حيث تتوفر فرص أكثر أمانا واستقرارا.

لكن أمام هذه التحديات، يرى بوزعكوك أن هناك فرصا تتميز بها ليبيا، منها جودة النفط والغاز الليبي، ووجود احتياطيات نفطية وغاز كبيرة، وقرب ليبيا جغرافيا من الأسواق العالمية المستهلكة للطاقة في أوروبا، ورخص تكلفة الإنتاج وانسيابية نقل النفط من حقول الإنتاج إلى موانئ التصدير، ووجود بنية جيدة من مطارات وطرق معبدة سريعة تم إنشاؤها مؤخرا في الجنوب الليبي حيث تتركز أغلب الحقول ومواقع الإنتاج ستساهم في سرعة الوصول إلى مواقع التنقيب والصيانة بأقل تكلفة.

وتخطط ليبيا إلى زيادة إنتاج النفط إلى 1.6 مليون برميل يومياً في 2026 وإلى 1.8 مليون عام 2027، ومليوني برميل يومياً في السنوات الخمس المقبلة، بحسب تقديرات رسمية.

جانب من ميناء البريقة النفطي على بعد 270 كيلومتراً غرب مدينة بنغازي شرقي ليبيا يوم 24 سبتمبر 2020

المسار الآمن

وبرؤية قريبة، قال المستشار السابق بوزارة النفط والخبير الاقتصادي، أحمد الغابر، في حديث لـ«إرم بزنس»: «ليبيا بموقعها وبمقدراتها النفطية الغنية وتاريخها النفطي وخبرة الشركات العالمية بالعمل فيها تعتبر الدولة المثالية لكل من يريد مزاولة نشاطي النفط والغاز».

وأضاف: «ليبيا تعتبر مقصدا استثماريا نفطيا جذابا بما قدمته سابقا وما تعتزم تقديمه في المستقبل من خلال جولات الاستكشاف المفتوحة وآليات التعاقد والعمل النفطي، لكن ليس قبل أن تسوى بعض العوائق الأمنية والجيوسياسية الناجمة عن حالة الانقسام السياسي المستفحل منذ 2011 المعرقل لكل مجريات العمل والحركة وتنفيذ المشاريع والاستثمار النفطي وغيره في ليبيا».

وأوضح أنه «منذ 2011 تم عقد عشرات الندوات والمؤتمرات واللقاءات، أنا حضرت العديد منها، لكني وللأسف لم أر أي حركة أو تطور ملموس ماعدا بعض الخطوات في المشاريع الخاصة الصغيرة»، مؤكدا أنه «حتى لا تموت الطموحات لحظة ولادتها أو تتعثر في الخطوات الأولى للتنفيذ يجب إنهاء الانقسام وتوحيد أواصر حوكمة البلاد ومؤسساتها باعتبار ذلك الضمان الوحيد والطريق الآمن لسير وتنفيذ أي نشاط استثماري نفطي أو غيره».

فرصة تاريخية بشروط

ويرى الخبير الاستراتيجي والاقتصادي، الهادي عبدالقادر، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن «جولة ليبيا النفطية الكبرى تعد فرصة تاريخية جريئة والأكبر بتاريخ البلاد لإعاد قطاعها الحيوي إلى خريطة مستثمري الطاقة العالميين، وتمويل إعادة الإعمار لكنها على حافة الهاوية وعالية المخاطرة».

وأشار إلى أن الشركات العالمية ستهتم بالمشاركة باعتبار أن لبيبا «لديها مخزون غير مكتشف ضخم لاسيما حوض سرت وموقع جيوسياسي حيوي قريب من أوروبا الباحثة عن بدائل للغاز الروسي، وعائدات نفطية سريعة نسبيًا إذا نجحت عمليات الاستكشاف».

لكن هذه الفرص مهددة، بحسب عبد القادر، بسبب تحديات منها حالة عدم اليقين في ظل مخاطر أمنية وسياسية جراء وجود حكومتين متنافستين يخلق غموضا حول من هو الشريك القانوني مع خطر تعطيل المنشآت قائم، بجانب تحديات البيروقراطية، والبنية التحتية المتدهورة التي تحتاج لاستثمارات ضخمة مسبقة.

ويمكن جذب المستثمرين رغم ذلك إلى جولة العطاءات وفق عبد القادر حال توفير عقد اجتماعي أمني يتضمن تقديم ضمانات أمنية عملية، وإصدار قانون استثمار نفطي عصري يتم تبنيه من قبل الأطراف السياسية الرئيسية، مع هيئة مناقصات شفافة.

وحذر من السيناريو الأسوأ بفشل هذه الجولة على الاقتصاد، لما يحمله من انهيار الثقة الدولية في قدرة ليبيا كدولة على إدارة مواردها، واللجوء لصفقات يائسة مع لاعبين أقل مصداقية بشروط مجحفة، مما تفقد ليبيا فيها السيطرة على مواردها.

البرنامج التنموي الموحد.. هل تنجح ليبيا في كبح نزيف «الإنفاق المزدوج»؟

تحركات مكثفة

وفي 20 نوفمبر الماضي، قالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، في بيان، إنها على وشك إتمام مراحل جولة العطاء العام للاستكشاف مع اقتراب موعد تقديم عروض الشركات وفتح مظاريف العطاءات في فبراير 2026، لافتة إلى أن ستعقد اجتماعات ممثلي الشركات العالمية المشاركة في جولة العطاءات، للإجابة عن الاستفسارات وتقديم المزيد من الإيضاحات فيما يخص الجوانب الفنية والقانونية».

وكان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، مسعود سليمان، صرح في 5 نوفمبر، بأن أكثر من 40 شركة أبدت اهتمامها بالمشاركة في جولة التراخيص الجديدة، للحصول على حقوق التنقيب عن النفط، لافتا إلى أن من أهم الشركات »إيني» الإيطالية و«شيفرون» الأمريكية و«توتال» الفرنسية، بحسب رويترز.

وجراء صراعات مسلحة واضطرابات سياسية تكبد قطاع الطاقة خسائر مليارية لأكثر من عقد من الزمن بسبب إغلاقات بين الحين والآخر كبّدت القطاع خسائر تصل إلى نحو 100 مليار دولار منذ عام 2011، وفق إحصاءات رسمية.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 9 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 12 ساعة
هارفارد بزنس ريفيو منذ 5 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 8 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 16 ساعة
منصة CNN الاقتصادية منذ 5 ساعات