انتباه | محنة أن تكون زملكاويا - بقلم: محمد حماد

لكل محنة منحة، إلا أن تكون زملكاويًا. فهنا لا منحة تُرجى ولا عزاء يُنتظر. هي محنة صافية، خالية من أي تعويض رمزي، لا يعرف عمقها إلا من عاشها كاملة الدسم، وتجرّع مرارتها حتى آخر الموسم، ثم اكتشف أن الموسم لا ينتهي أصلًا. محنة تمتد مع صاحبها من الطفولة إلى الشيخوخة، لا تحتاج إلى تاريخ مرضي لأنها تصنع تاريخها المرضي بنفسها: ضغط دم يعلو مع كل مباراة، سكر يختل مع كل وعد بالإصلاح، واحتباس بولي وروحي سببه انتظار مزمن لفرحة لا تأتي إلا بالصدفة.

«سنظل أوفياء» ليست عبارة، بل جملة اعتراف جماعي بالعجز. هي ليست شعارًا بقدر ما هي شهادة إدانة للنادي الذي أوصل جماهيره إلى مرحلة التفاخر بالتحمل بدل الفخر بالإنجاز.

«سنظل أوفياء» عبارة تُقال عادة بعد الخذلان، لا قبله، وكأن الزملكاوي يقول لناديه: اخذلني كما تشاء، سأبقى. هو حب يشبه الإدمان، علاقة غير متكافئة بين عاشق ونادٍ عريق احترف كسر قلوب محبيه، حتى صار الخذلان جزءًا من تاريخه غير الشفوي.

محنة الزملكاوي أن علاقته مع ناديه تبدأ بالخذلان، وتستمر بالخذلان، وتتخللها فترات قصيرة من الأمل الكاذب، أشبه بإعلانات حكومية عن تحسن الأحوال.

يصبرك الزمالك بجرعة فرح صغيرة كل عدة سنوات، فقط ليضمن أنك لن تموت قبل الخذلان التالي.

والزملكاوية، بمرور الوقت، يطوّرون قدرة عجيبة على التكيّف مع الألم، فيتنقلون بين الحب المفرط، وكره الذات، وتمني الانسحاب من الحياة الكروية، قبل أن يعودوا من جديد عند أول لاعب موهوب أو رئيس مجلس إدارة يتقن فنون الدجل على الجماهير.

لا يكاد زملكاوي ينجو من السؤال الشهير، المشوب بالشفقة والدهشة: «معقولة إنت زملكاوي؟».

سؤال يُطرح كما لو كان استفسارًا طبيًا عن مرض نادر.

سؤال سمعه كل زملكاوي في لحظة ضعف، وتبعه غالبًا تدخل أهلاوي استشاري، يشرح لك أن ما تعانيه كان يمكن تفاديه باختيار صحيح في الطفولة. الأهلاوي لا يشمت فقط، بل يعتبر نفسه دليلًا حيًا على أن الحياة يمكن أن تكون أسهل لو أحسنت الاختيار، أن تختار النادي الذي يكسب للأبد.

كثيرون لم يختاروا زملكاويتهم، بل فُرضت عليهم فرضًا عائليًا، كما تُفرض الأسماء الثقيلة. نشأوا عليها في زمن كان الزمالك فيه مدرسة الفن والهندسة، وكان الفوز عادة لا احتفالًا موسميًا.

أما أنا، فذنبي أعظم؛ اخترت الزمالك بوعي طفولي مشوب بالوطنية. أحببته في اللحظة نفسها التي تعلمت فيها حب مصر. في طابور الصباح كنا نهتف لعبد الناصر، ونهتف للجمهورية العربية المتحدة، ونهتف دون أن نعرف لبدايات علاقة طويلة مع الخيبة.

«أبله نوال» هي المسؤولة الأولى عن هذه الجريمة.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة المشهد المصرية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة المشهد المصرية

منذ 22 دقيقة
منذ 9 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 9 ساعات
موقع صدى البلد منذ 9 ساعات
صحيفة الدستور المصرية منذ 10 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 21 ساعة
بوابة أخبار اليوم منذ 10 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 15 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 12 ساعة
بوابة الأهرام منذ 7 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 3 ساعات