الرياضة كخيار استراتيجي.. حين يتحول الاستثمار في الملاعب إلى استثمار في المستقبل

لم يعد ما يشهده المغرب في المجال الرياضي مجرد أوراش متفرقة أو استعدادات ظرفية لاحتضان تظاهرات كبرى، بل بات يعكس تحولا عميقا في طريقة التفكير في الرياضة باعتبارها رافعة للتنمية الشاملة وأداة لتعزيز الحضور الدولي.

فالاستثمار المتواصل في البنيات التحتية الرياضية يكشف عن مشروع طويل النفس، يراهن على المستقبل أكثر مما يكتفي بحسابات اللحظة.

هذا التحول يبرز بوضوح من خلال الانتقال من منطق تنظيم المنافسات إلى منطق صناعة المنظومة . فالملاعب الحديثة، ومراكز الأداء العالي، وأكاديميات التكوين، لم تعد عناصر منفصلة، بل حلقات ضمن سلسلة واحدة تهدف إلى إنتاج قيمة رياضية واقتصادية مستدامة.

وهو ما يجعل الرهان المغربي مختلفا عن تجارب عديدة اكتفت بتشييد منشآت ضخمة سرعان ما تحولت إلى عبء بعد نهاية التظاهرات.

الأهمية الحقيقية لهذه الاستراتيجية لا تكمن فقط في الأرقام أو في حجم الاستثمارات، بل في الرؤية التي تؤطرها. فاعتماد معايير دولية في تشييد الملاعب، والانتقال نحو الملعب الذكي ، وتوظيف الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة، يعكس وعيا بأن الرياضة اليوم أصبحت صناعة متكاملة، تتقاطع فيها التكنولوجيا، والأمن، والتسويق، والبيئة، والابتكار.

وفي هذا السياق، يكتسي التركيز على التكوين بعدا حاسما. فالملاعب، مهما بلغت حداثتها، تظل هياكل صامتة إن لم تُرفق بسياسات لصناعة الأبطال وتطوير الكفاءات.

لذلك يبدو الاستثمار في الأكاديميات والمراكز الجهوية لاكتشاف المواهب، بما في ذلك كرة القدم النسوية، اختيارا استراتيجيا يروم ضمان الاستمرارية وتجديد النخب الرياضية، بدل الاكتفاء بإنجازات ظرفية.

كما أن إدماج مفاهيم الاستدامة الطاقية والطاقات المتجددة في المشاريع الرياضية يعكس فهما متقدما لتحديات المرحلة المقبلة. فالرياضة لم تعد معزولة عن القضايا البيئية، بل أصبحت جزءا من الحل، من خلال تقليص البصمة الكربونية واعتماد نماذج تدبير ذكية وفعالة.

في المحصلة، يتضح أن الرهان المغربي في المجال الرياضي يتجاوز حدود المنافسة داخل المستطيل الأخضر، ليمتد إلى بناء إرث طويل الأمد، قوامه بنية تحتية عصرية، ورأسمال بشري مؤهل، ورؤية تجعل من الرياضة أداة للتنمية ووسيلة لترسيخ الحضور الدولي.

إنه اختيار استراتيجي لا يقاس فقط بعدد البطولات المحتضنة، بل بما سيتركه من أثر على الأجيال القادمة وعلى صورة المغرب في عالم تتزايد فيه أهمية القوة الناعمة.


هذا المحتوى مقدم من أشطاري 24

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من أشطاري 24

منذ 10 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 10 ساعات
منذ ساعة
منذ 7 دقائق
هسبريس منذ 12 ساعة
بلادنا 24 منذ 5 ساعات
Le12.ma منذ 10 ساعات
هسبريس منذ 11 ساعة
هسبريس منذ 15 ساعة
العربية - المغرب العربي منذ ساعة
هسبريس منذ 19 ساعة
بلادنا 24 منذ 4 ساعات