لا يزال "غول الغلاء" يلتهم القدرة الشرائية للمواطنين في محلات الجزارة، رغم الميزانيات الضخمة التي ضختها الحكومة المغربية لضبط استقرار السوق، وسط تساؤلات عن مصير مليارات الدراهم التي صُرفت من خزينة الدولة دون أن تصل شظايا رخائها إلى قفة المستهلك البسيط.

- سوق الجملة والتقسيط.. استمرار الغلاء

و تشير المعطيات القادمة من سوق الجملة بالدار البيضاء إلى استقرار الأسعار في مستوياتها المرتفعة، حيث تتراوح أسعار لحم الغنم بين 95 و115 درهماً، بينما يتأرجح لحم البقر بين 68 و94 درهماً، وهي الأثمنة التي ترتفع بمجرد وصول اللحوم إلى محلات التقسيط، حيث يقفز سعر الكيلوغرام الواحد من الغنم إلى 120 درهماً، والبقر إلى 110 دراهم.

ويبرر الجزارون هذا التفاوت الصارخ بضرورة تغطية تكاليف التسيير المرتفعة وضمان هامش ربح يتقلص يوماً بعد يوم، مما يضعهم في مواجهة مباشرة مع سخط الزبناء.

- فشل "وصفة" الإعفاءات الضريبية

المثير للجدل في هذا الملف هو استمرار الغلاء رغم الإجراءات الجريئة التي اتخذتها الحكومة، والمتمثلة في تعليق الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة لتشجيع الاستيراد.

هذه الخطوة التي كبّدت ميزانية الدولة ما يقارب 4 مليارات درهم، كان الهدف منها خلق توازن بين العرض والطلب وخفض الأسعار، إلا أن النتائج الميدانية جاءت مخيبة للآمال.

- من المستفيد؟

و تتعالى الأصوات المنتقدة لسياسة "الدعم المباشر للاستيراد"، حيث يرى مراقبون أن المستفيد الحقيقي من هذه المليارات ليس المواطن، بل قائمة ضيقة تضم نحو 71 مستورداً كبيراً.

ويبدو أن المشهد يعيد إنتاج "سيناريو عيد الأضحى"، حيث استقرت أموال الدعم الحكومي في جيوب كبار الفاعلين، بينما ظل المستهلك يواجه لوحده تقلبات السوق، مما يطرح علامة استفهام كبرى حول آليات المراقبة ومدى نجاعة هذه التدابير في تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الأمن الغذائي للمغاربة.

هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى