ملخص تأسست بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1500) في عام 2003، وهي بعثة سياسية خاصة تهدف البعثة إلى مساندة الأمين العام للأمم المتحدة في أداء مهمته في العراق. ووجه رئيس الوزارء محمد شياع السوداني في مايو 2024 رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة طالب فيها بإنهاء عمل البعثة بحلول الـ31 من ديسمبر 2025، مؤكداً أنه لم تعد هناك مبررات لوجود بعثة سياسية في العراق.
ترتبط ذاكرة العراقيين حيال الأمم المتحدة بالعقوبات القاسية التي فرضتها المنظمة الدولية عقب غزو العراق للكويت في عام 1990، واستمرت إلى ما بعد الغزو الأميركي للعراق بسبع سنوات، فبين عامي 1990 و2000 أصدر مجلس الأمن 53 قراراً خاصاً بالعراق، منها القرار رقم 660 في الثاني من أغسطس (آب) 1990، الذي طالب بخروج القوات العراقية من الكويت، ليتبعه القرار رقم 661 من الشهر ذاته الذي أقر فرض عقوبات اقتصادية وحصار شامل، حيث طالب المجلس كل الدول بالامتناع عن أي تبادلات تجارية مع العراق، ليتبع تلك العقوبات القرار رقم 687 الصادر في الثالث من أبريل (نيسان) 1991 الذي أدخل العراق في متاهة المفتشين الدوليين الباحثين عن أسلحة الدمار الشامل.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more ووضع القرار العراق تحت البند السابع وألزمه بإزالة أسلحة الدمار الشامل، وبدخول المفتشين الدوليين. وبعدما أحكمت العقوبات قبضتها على العراق وظهرت تداعياتها الإنسانية أصدر مجلس الأمن القرار رقم 986 في الـ14 من أبريل 1995 المعروف بـ"النفط مقابل الغذاء والدواء"، الذي مكَّن العراق من بيع النفط الخام بمبلغ لا يتجاوز مليار دولار أميركي لكل 90 يوماً، واستخدام العائدات لشراء الإمدادات الإنسانية.
ومع أن تقارير المفتشين الدوليين لم تُدن العراق، إلا أن مجلس الأمن أصدر القرار رقم 1441 الذي تضمن في ديباجته ونصه إدانة للحكومة العراقية في شأن موقفها من عملية نزع أسلحة الدمار الشامل. ومع ذلك رفضت الأمم المتحدة تفويض الولايات المتحدة استخدام القوة، إلا أن الأخيرة أصرت على استخدامها مع أو من دون موافقة الأمم المتحدة.
وبعدما أخفقت الولايات المتحدة في استصدار قرار من مجلس الأمن يضفي الشرعية الدولية على شن الحرب ضد العراق، عمدت على إقصاء المنظمة الدولية ممثلة بمجلس الأمن وانفردت بتحالف دولي لتشن الحرب.
ومع أن الأمم المتحدة لن تؤيد شرعية الحرب إلا أنها اعترفت بواقع الحال وقد قدمت الولايات المتحدة مشروع قرار يتضمن رفع العقوبات الدولية عن العراق وتفويض قوات الاحتلال الأميركية حق التصرف بموارد العراق الاقتصادية، محاولةً بذلك إضفاء الشرعية الدولية على احتلالها للعراق وتجنب المساءلة الدولية.
وبناءً على ذلك أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1483 الذي أكد أن الولايات المتحدة وبريطانيا دولتان قامتا بالاحتلال، وسلَّم بالصلاحيات والمسؤوليات المحددة بموجب القانون الدولي لسلطة الائتلاف الدولي، ودعا إلى رفع العقوبات عن العراق، وجاء في الفقرة 8 من القرار أن على الأمين العام للأمم المتحدة أن يعين ممثلاً خاصاً له في العراق ليترأس بعثة لمساعدته في أداء مهامه لفترة مبدئية. وكثفت الأمم المتحدة من جهودها من أجل أن يتسلم العراقيون السيادة وتشكيل حكومة ذات صفة تمثيلية.
عودة الأمم المتحدة للعراق من بوابة "يونامي" عُيِّن المندوب السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين البرازيلي سيرجيو فيرا دي ميلو (اغتيل خلال الهجوم على مقر الأمم المتحدة في بغداد الـ19 من أغسطس 2003 مع 15 موظفاً من الأمم المتحدة) ممثلاً خاصاً للأمم المتحدة في العراق.
وقد حدد أولى مهامه في العراق بهدفين أساسيين الأول إقامة صلات مع عراقيين لهم صفة تمثيلية والهدف الثاني العمل على تعزيز علاقات العراق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وشركائهما في الائتلاف.
وبموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1500 في عام 2003 تأسست بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، وهي بعثة سياسية خاصة تهدف إلى مساندة الأمين العام للأمم المتحدة في أداء مهمته في العراق التي تنص على أن تقوم المنظمة الدولية بدور حيوي في توفير الإغاثة الإنسانية وإعادة بناء العراق وإنشاء مؤسسات وطنية ومحلية للحكم ممثلة للشعب.
ويقدم المبعوث الأممي تقارير منتظمة إلى مجلس الأمن حول أنشطته وتنسيق أنشطة الأمم المتحدة في عمليات ما بعد انتهاء الحرب في العراق والتنسيق بين وكالات الأمم المتحدة والوكالات الدولية المشاركة في أنشطة المساعدات الإنسانية.
في الـ16 من أكتوبر (تشرين الأول) 2003 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1511، الذي دعا البعثة إلى تنفيذ خططها بحسب ما تسمح به الظروف. وأيد القرار توصيات الأمين العام بوضع جدول زمني وبرنامج لصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات. ونص القرار في فقراته 13 و14 و15 على تبديل صفة "قوات احتلال" إلى "القوات متعددة الجنسيات".
وفي عام 2007 تم التوصل إلى اتفاق بين الأمم المتحدة والعراق على إنهاء برنامج "النفط مقابل الغذاء" وعندما عُقدت الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة في عام 2008 كان من ضمن أولوياتها إخراج العراق من تحت الفصل السابع، إلا أن اعتراض الكويت بسبب الملفات العالقة حال دون ذلك.
توالت القرارات التي أخرجت العراق من تداعيات قرار "النفط مقابل الغذاء"، إذ أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 1956 الذي حدد موعداً لإنهاء العمل بنظام الصندوق العراقي للتنمية وفتح حسابات جديدة لموارد النفط العراقي وتحويل خمسة في المئة منها إلى لجنة التعويضات الحربية، ثم صدر القرار 1957 الذي فسح المجال لاستيراد المواد النووية للأغراض السليمة وتلاه القرار 1958 الذي أنهى متبقيات برنامج النفط مقابل الغذاء وتحويل الأموال التابعة له إلى صندوق التنمية.
لم تؤسس بطلب من العراق "يونامي" هي بعثة سياسية خاصة، وليست بعثة من أجل تمثيل الأمم المتحدة في العراق، ولم يكن تأسيسها بطلب من العراق، هذا ما يوضحه المدير التنفيذي لمركز جنيف للعدالة ناجي حرج، فعلى رغم ما يدار في أروقة الدبلوماسية العراقية بأن وزير الخارجية العراقي آنذاك قد وقع رسالة إلى مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص، فإن المعروف أن الرسالة قد صيغت في مكاتب الخارجية الأميركية، والهدف منها كان للتعامل مع الاحتلال كأمر واقع.
ثم إن إنهاء عمل البعثة، وبحسب حرج "لم يأتِ لأن العراق قد وصل إلى مرحلة من الاستقرار، بل نتيجة ظروف تمر بها الأمم المتحدة تحول دون تجديد عمل البعثة الذي كان يتم سنوياً، وتطور الأمر فيما بعد على شكل طلب من العراق لتمديد عمل البعثة لمدة 19 شهراً تنتهي في الـ31 من ديسمبر (كانون الأول) 2025. ولا يمثل غياب البعثة مؤشراً على قدرة العراق على إدارة شؤونه بعد أكثر من 22 عاماً من المساعدة التي قدمتها الأمم المتحدة ودول كثيرة للعراق لبناء مؤسساته، إلا أن الواقع يؤكد هشاشة الحكم وغياب العمل المؤسساتي وعدم استقلالية القضاء، فضلاً عن التدخل الخارجي في شؤون إدارة البلاد".
عمل "يونامي" فضلاً عن "يونامي" هناك قرابة 20 منظمة وبرنامجاً ووكالة وصندوقاً تابعة للأمم المتحدة تعمل في العراق. تتكون "يونامي" من قسمي رئيسين، الأول هو القسم السياسي وإعادة الإعمار والتنمية، والثاني مكتب حقوق الإنسان الذي يرتبط بمكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وأدت بعثة يونامي دوراً مهماً في توفير الدعم لعملية صياغة الدستور وساعدت في إجراء الانتخابات وتنسيق جهود الأمم المتحدة الإنسانية والمساعدات المالية من الجهات المانحة ودربت البعثة أول مفوضية عليا للانتخابات، وساعدت البعثة الحكومة العراقية في إنشاء مفوضية عليا مستقلة لحقوق الإنسان.
وتؤدي "يونامي" دوراً سياسياً بحتاً وتجدد ولايتها سنوياً بناءً على طلب الحكومة العراقية وقد وسَّع قرار مجلس الأمن 1770 الصادر في عام 2007 دور البعثة ليشمل دعم الحوار السياسي والمصالحة وتقديم المساعدة الانتخابية وتعزيز حقوق الإنسان والإصلاح القضائي والانخراط مع دول الجوار.
بعد تولي محمد شياع السوداني منصب رئيس الوزارء في عام 2022 قرر وبالاتفاق مع ائتلافه الحاكم أن دور "يونامي" لم يعد ضرورياً. وكان هذا القرار يستند إلى الرغبة في ترسيخ مظهر السيادة والاستقلال والتأكيد على أن العراق قادر على معالجة قضاياه الداخلية والخارجية من دون وساطة أممية.
وجاء قرار مجلس الأمن الرقم 2682 الصادر في مايو (أيار) 2023 مطالباً بإجراء مراجعة مستقلة لعمل البعثة بقيادة الألماني فولكر بيرتس. تضمنت المراجعة مشاورات داخل العراق شملت لقاءات مع مسؤولين حكوميين على المستوى المحلي والاتحادي.
وركزت المراجعة على محاور هي التهديدات الحالية للسلم والأمن في العراق وتوصيات لتحسين ولاية "يونامي" ودعم العراق في تعزيز التعاون الإقليمي.
وخلص فولكر بيرتس إلى أن النظام السياسي العراقي بات أكثر قدرة على إدارة الأزمات الداخلية والخارجية بوسائل أقل عنفاً. وأوضح أن "أي بعثة أممية لا ينبغي لها أن تبقى إلى الأبد في بلد ما". وأوصى التقرير بتقليص ولاية "يونامي" تدريجاً.
بعد صدور التقرير، وجَّه السوداني في مايو 2024 رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش طالب فيها بإنهاء عمل البعثة بحلول الـ31 من ديسمبر 2025، مؤكداً أنه لم تعد هناك مبررات لوجود بعثة سياسية في العراق. وفي الـ13 من من هذا الشهر جرت في بغداد مراسم الإعلان الرسمي لانتهاء أعمال بعثة "يونامي" بحضور غوتيريش. وأكد السوداني خلال تلك المراسم أن "انتهاء مهمة (يونامي) لا يعني نهاية العلاقة مع الأمم المتحدة، بل بداية مرحلة جديدة من التعاون".
المراحل الأولى لبعثة "يونامي" يرى البعض أن قدرة "يونامي" على التأثير في مسار الأحداث في العراق خلال العقدين الماضيين كانت محدودة، وهذا الرأي يذهب إليه الباحث في الشأن العراقي والمختص بالشؤون الخارجية والإصلاح الموئسساتي، علي المولوي، الذي يرى أن دور "يونامي" كان أكثر بروزاً في المراحل الأولى، لا سيما خلال صياغة الدستور.
يقول المولوي إن "على العراقيين أن يبنوا آلياتهم الخاصة لحل خلافاتهم من دون الاعتماد على تدخل أطراف خارجية"، مضيفاً أن "إنهاء تفويض البعثة يشير بالدرجة الأولى إلى قدرة النخبة الحاكمة على إدارة خلافاتها، إضافة إلى أن التحديات والعقبات المتبقية أمام ترسيخ الديمقراطية في العراق هي مسؤولية العراقيين وحدهم".
وأوضح المولوي أن "خطر عدم الاستقرار الإقليمي لا يزال قائماً، فالبعثة كان من الممكن أن تحضِّر طبقة إضافية من الغطاء الدبلوماسي للعراق داخل مجلس الأمن بما يساعده على تجنب التورط في أي استئناف مستقبلي للصراعات في المنطقة. الإبقاء على وجود طرف ثالث محايد كـ(يونامي) له قناة مباشرة مع مجلس الأمن الدولي قد يعد خطوة استراتيجية مفيدة، إذ إن وجود بعثة ذات تفويض واضح ومحدود قد يوفر عنصر استقرار ويسهم في احتواء التوترات الخارجية قبل أن تتحول إلى تهديدات مباشرة، لكن ذلك سيتطلب من الحكومة العراقية تجديد تفويض.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية
