هناك بعثتان طلابيتان كويتيتان على الأقل، سافر أفرادهما للدراسة إلى الولايات المتحدة على الباخرة، هاتان البعثتان كانتا عام 1963 و1964، وقد عرفت ذلك من الصديقين المرحومين: أحمد بشارة ومصطفى معرفي، عندما قابلتهما في آن آربر متشيغان عام 1973، وكان ذلك مفاجأة لي، فلماذا السفر على الباخرة إلى نيويورك، مع أن البعثات من عام 1957 1962 كانت تسافر بالطائرة؟ لكني فهمت من سيرة الأخ عامر، أنه كان هناك غرض من أن تكون الرحلة ثمانية أيام على الباخرة بدل بضع ساعات على الطائرة. فكان يصحب الطلاب على الباخرة من ساوثمبتون في إنكلترا إلى نيويورك اثنان من مسؤولي مكتب الطلبة الكويتيين في نيويورك، اللذان كانت تعطيهما مدة السفر الفرصة للتعرّف على الطلاب، وعلى توجهاتهم الدراسية، مما يساعد في اتخاذ القرار إلى أي الجامعات يرسلون، وأي التخصصات الدراسية يختارون. وقد وصل عامر إلى نيويورك في 20 يوليو 1963، ووصلتها على الطائرة من بيروت في التاريخ نفسه تقريباً من عام 1973، وقد أنهيت دراستي الثانوية عام 1970، لكني درست ثلاث سنين في الجامعة الأمريكية في بيروت، قبل توجهي للدراسة في الولايات المتحدة. والحقيقة كان لديّ شغف لمعرفة انطباعات الطلبة الكويتيين والسعوديين والعرب عموماً عن الولايات المتحدة، خاصة لدى الجيل الذي سبقني. فالكويت والرياض كانتا تتميزان بالبساطة، وذلك الجيل الذي غادر إلى الولايات المتحدة في الخمسينيات وأول الستينيات نشأ في بيوت بسيطة، بعضها لم تكن قد وصلتها الكهرباء، وبعضهم ذهب لدراسة الهندسة المدنية دون أن يعرف ما هو الكونكريت، وكان كل شيء جديداً عليهم، من كثافة السيارات في الطرقات في نيويورك، إلى مشاهدة قطارات ومنتزهات ومبانٍ متعددة الأدوار، حتى السنجاب، الذي يكثر في الشوارع والمنتزهات في معظم المدن الأمريكية، ظنّ أحدهم أنه حيوان غريب قد هرب من حديقة الحيوان، وكان عليه أن يراجع نفسه بعد دقائق، عندما أخذ يشاهد أكثر من سنجاب في مناطق متعددة من المدينة، فلا يمكن أن تكون كلها قد هربت من حديقة الحيوان!

ومن التجارب التي أفتقدها، والتي مرّ بها المبتعثون، الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة قبل 1972، أنه كان يرتب لهم من قبل مكتب الطلبة الكويتيين أن يسكنوا لفترة عند عائلات أمريكية، وأنهم كانوا يدرسون في البداية في مدرسة ثانوية، تحضرهم لتعلّم اللغة الإنكليزية وللدراسة الجامعية. وشاءت الصدف أن يعيش عامر عند عائلتين لدى كل منهما سبعة أبناء، وهذه حالة نادرة في الولايات المتحدة. الأولى مكونة من ثلاثة أولاد وأربع بنات، والثانية مكونة من أربعة أولاد وثلاث بنات. والغريب أن العائلة الثانية كانت بروتستانتية، وكانوا علمانيين إلى حد بعيد. أما الأولى فكانت كاثوليكية، وكان شائعاً بين العائلات الكاثوليكية أن تكثر من نسلها.

ويبدو أن هناك تقاطعات مشتركة بين تجربتنا الدراسية، فكلانا جاء إلى الولايات المتحدة محضراً للعمل السياسي الطلابي. فبعد أن التحق عامر بجامعة كلاركسون في نيويورك صيف 1964 شارك في النشاط الطلابي العربي، وحضر مؤتمر منظمة الطلبة العرب في أغسطس عام 1964، الذي عقد في مدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا، وقد حضر معه من مدن أمريكية، فيقول: «أذكر منهم عبدالعزيز الصالح الحمدان، ومنصور بندر، وعدنان شهاب الدين، ومصطفى الصانع، وصباح الريس، والمرحوم عبدالرحمن القبندي، ومساعد العميم».

وحضرت أنا مؤتمر منظمة الطلبة العرب لأول مرة في بيركلي في كاليفورنيا في أغسطس 1975، وأذكر أن منهم من الكويتيين المرحومين أحمد بشارة وعبدالرحمن العبدلي، وكذلك خالد المعجل وعلي مشاري البدر وسبيكة العبدالرزاق وأختي سناء.

وذكر الأخ عامر أن الطلبة الكويتيين اختاروا عدنان شهاب الدين ليكون عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة الطلبة العرب. وبعد سنة يحضر عامر مؤتمر الطلبة العرب في مدينة أوربانا-شامبين Champaign في ولاية إلينوي، وينتخب عضواً في اللجنة التنفيذية، ضمن قائمة رأسها المصري سعد الدين إبراهيم، الذي برز بعد نيله الدكتوراه كواحد من أهم علماء الاجتماع في العالم العربي. وكان عامر قد بلغ العشرين من العمر ضمن مجموعة كانت كلها من طلبة الدراسات العليا. وإضافة إلى الدكتور سعد الدين إبراهيم، يذكر عامر أنه من خلال عمله في منظمة الطلبة العرب تعرّف عن قرب إلى الدكتور نبيل شعث، والمعماري المصري الشهير صلاح حجاب، والدكتور وليد خدوري،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

هذا المحتوى مقدم من صحيفة القبس