شوارع المغرب.. أخطار متزايدة تحول التنقل إلى مجازفة

سجلت سنة 2024 مقتل أربعة آلاف مواطن مغربي في الطرقات والشوارع وهو رقم ثقيل يوثق فشل السياسات المعتمدة لوقف نزيف الإسفلت الذي تحول إلى ساحة موت يومي، وتكشف البيانات الرسمية أن الخطر لم يعد يتركز في الطرق الوطنية الطويلة بل استوطن وسط المدن، حيث قفزت نسبة الوفيات في مراكش بـ 38 بالمئة وفي أكادير بـ 40 بالمئة مدفوعة بانتشار فوضوي للدراجات النارية الصينية من نوع سـ 90 والدراجات المعدلة التي تفتقر لأبسط معايير السلامة، إذ تشير أرقام الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية إلى أن سائقي هذه الدراجات يتسببون في 78 بالمئة من مخالفات السرعة ويقفون خلف مئات الاصطدامات القاتلة التي حولت شوارع الأحياء السكنية إلى مسارات سباق دموية خارجة عن سيطرة القانون.

لا يقتصر التهديد في الشارع المغربي على المركبات الطائشة بل يواجه المواطن بنية تحتية قاتلة تتربص به عند كل خطوة، فبالوعات الصرف الصحي تترك مفتوحة دون أغطية لتتحول إلى فخاخ تبتلع الأطفال كما حدث في واقعة بركان المؤلمة، وتنهار المباني القديمة في الدار البيضاء وفاس على رؤوس ساكنيها والمارة بسبب غياب الصيانة والمراقبة، بينما تكشف أولى زخات المطر عن هشاشة قنوات التصريف التي تعجز عن استيعاب المياه محولة الشوارع إلى برك آسنة تخفي تحتها حفرا عميقة تتسبب في أعطاب ميكانيكية جسيمة وحوادث سير مميتة، في وقت تقف فيه السلطات المحلية موقف المتفرج أمام تآكل الطرقات وتقادم التجهيزات.

يجد الراجل نفسه محاصرا في معركة غير متكافئة لانتزاع حقه في السير فالأرصفة التي رصدت لها ميزانيات ضخمة من المال العام سطت عليها المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، دافعة الأطفال والنساء وكبار السن إلى السير وسط الطريق ومزاحمة الشاحنات والحافلات، ما يفسر كون ربع قتلى الحوادث هم من المشاة، ويزيد الوضع سوءا غزو الدراجات الكهربائية التروتينيت التي تسير بسرعة جنونية في كل الاتجاهات دون لوحات ترقيم أو تأمين مهددة سلامة الجميع في غياب صرامة زجرية حقيقية تعيد الرصيف لوظيفته الأصلية كممر آمن لا كملحقة تجارية خاصة.

تكتمل صورة المخاطر مع تدهور الوضع الأمني في بعض النقاط السوداء التي تنشط فيها عصابات النشل باستخدام الدراجات السريعة مستهدفة الهواتف والحقائب اليدوية في واضحة النهار، بالتوازي مع انتشار قطعان الكلاب الضالة التي هاجمت مواطنين في شواطئ سلا وأحياء أكادير مخلفة جروحا وتشوهات خطيرة، ورغم تخصيص أموال طائلة لبرامج التلقيح والتعقيم إلا أن أعداد هذه الحيوانات تتزايد بشكل مقلق وسط التجمعات السكنية ناقلة الأمراض وناشرة الرعب في صفوف التلاميذ والمارة الذين يجدون أنفسهم عزلا أمام أنيابها.

يؤكد هذا الواقع المتردي أن أرواح المواطنين باتت رهينة سوء التسيير والاستهتار، فالحفر التي لا ترمم والأرصفة المحتلة والكلاب المسعورة وقانون السير المعطل كلها شواهد حية تدين المنتخبين والمجالس الجماعية الذين انشغلوا بالصراعات السياسية والمصالح الضيقة، وتركوا المواطن يواجه مصيره منفردا في شوارع تفتقد للأمن والسلامة وأبسط شروط الكرامة الإنسانية.


هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من جريدة كفى

منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
2M.ma منذ 20 ساعة
جريدة أكادير24 منذ 19 ساعة
هسبريس منذ 9 ساعات
2M.ma منذ 23 ساعة
هسبريس منذ 23 ساعة
بلادنا 24 منذ 5 ساعات
هسبريس منذ 16 ساعة
صحيفة الأسبوع الصحفي منذ 13 ساعة