تتناول تدوينة الأستاذ عمر الشرقاوي تمرير مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بمجلس المستشارين، والتي يشيد فيها بما وصفه بـ"الذكاء السياسي والتشريعي" لوزير الاتصال المهدي بنسعيد، نتيجة عدم قبوله لأي تعديل على المشروع، تفادياً لإحالته مجدداً على مجلس النواب في إطار القراءة الثانية، وتسريعاً لمسار إخراجه من حالة الفراغ القانوني.
رغم ما تحمله التدوينة من عناصر تحليل سياسي مفهومة، فإنها تطرح إشكاليات متعددة تستحق وقفة نقدية موضوعية:
أولاً: تمجيد التسريع التشريعي على حساب النقاش الديمقراطي
وصف قرار الوزير بعدم قبول أي تعديل بأنه "ذكاء سياسي"، يُعد اختزالاً للعملية التشريعية في بعدها التقني، على حساب جوهرها الديمقراطي. فمجلس المستشارين ليس غرفة تسجيل بل فضاء للتداول والتعديل، ومصادرة هذا الدور باسم "السرعة" أو تفادي القراءة الثانية، تقوض أحد المبادئ الدستورية وهو التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ثانياً: تبخيس المعارضة وإقحام لغة الاستهزاء
اعتماد الكاتب على تعبيرات مثل "ركبت على ظهر القانون" و"كسب تعاطف كاذب" و"يلاه يلاه" يُفقد التحليل قدره من الرصانة والموضوعية، ويندرج في خطاب استعلائي يُبخّس دور المعارضة، رغم أن الطعن الدستوري حق مشروع ومؤسس بموجب الفصل 132 من الدستور. من حق النواب والمستشارين، أغلبية كانوا أو معارضة، التعبير عن تحفظاتهم، ولا يجب اعتبار ذلك "مسرحية" أو "مزايدة".
ثالثاً: إشكالية الشفافية في تسريع المصادقة
الحديث عن تفادي القراءة الثانية "حتى لا يُقبَر المشروع"، يثير سؤالاً حول مدى نضج المشروع أصلاً، وإذا كان فعلاً يحتاج تعديلات تقنية أو دستورية. التسريع ليس دوماً دليلاً على الكفاءة، بل أحياناً قد يكون وسيلة لتمرير نصوص دون تمحيص كاف، خاصة في مجال حساس كتنظيم الصحافة.
خلاصة
رغم محاولة عمر الشرقاوي تقديم تمرير المشروع كنجاح سياسي للوزير، فإن لغة التدوينة ابتعدت عن التحليل المتزن، لتقترب من التبخيس والاستفزاز.
إن حرية التعبير تقتضي احترام الرأي المخالف، وإن المشروع الذي يُرفض فيه الحوار والنقاش لا يمكن اعتباره انتصاراً تشريعياً، بل اختلالاً ديمقراطياً في سير المؤسسات.
هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى
