دخلت الأزمة المهنية المرتبطة بتدبير قطاع الصحافة في المغرب منعطفاً حاداً، عقب مصادقة مجلس المستشارين، الأربعاء، على مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وهي الخطوة التي قوبلت برفض قاطع من "الفيدرالية المغربية لناشري الصحف"، التي وصفت النص القانوني بـ "المشؤوم"، معتبرة إياه ضربة موجعة لاستقلالية المهنة ولمبادئ التنظيم الذاتي التي يقرها الدستور.
وسجلت الفيدرالية، في بيان لمكتبها التنفيذي، أن تمرير القانون في جلسة عامة شهدت مقاطعة فرق المعارضة، يعكس "إصراراً حكومياً على الهروب إلى الأمام"، متهمة الأغلبية البرلمانية بالاصطفاف الأعمى خلف الوزارة الوصية، وتجاهل تحفظات المؤسسات الدستورية والمنظمات الحقوقية، فضلاً عن آراء خمسة وزراء اتصال سابقين، مما يكرس منطق "الهيمنة والتحكم" في هيئة كان من المفترض أن تمثل الجسم الصحافي بدمقراطية.
ووجهت الفيدرالية انتقادات لاذعة لوزير الشباب والثقافة والتواصل، متهمة إياه بـ "دوس المقاربة التشاركية" ونهج سياسة الإقصاء الممنهج ضد المنظمات المهنية العريقة، مقابل الانفراد بالقرار مع "تنظيم جمعوي واحد". وحذر البيان من أن هذا المسار يسعى لتحويل الصحافة إلى "سلطة تابعة"، مشيراً إلى أن منظومة الدعم العمومي باتت "مفصلة على المقاس" لضرب المقاولات الصغرى والمتوسطة والصحافة الجهوية، لصالح تكريس منطق "الحزب الوحيد" في المشهد الإعلامي.
وفي خطوة تصعيدية، دعت الفيدرالية رئيس مجلس المستشارين إلى تفعيل صلاحياته وإحالة القانون المصادق عليه على المحكمة الدستورية، للبث في مدى ملائمته للفصل 28 من الدستور المغربي، معتبرة أن هذه الخطوة هي السبيل الوحيد لـ "تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود" وحماية المسار الديمقراطي للمملكة من تراجعات تمس جوهر حرية التعبير.
واختتمت الفيدرالية بيانها بإعلان انخراطها في "جبهة وطنية" تضم الصحافيين والناشرين والنسيج الحقوقي، للتصدي لما وصفته بـ "المخطط الرهيب" الذي يستهدف كرامة الصحافي وتعددية المشهد الإعلامي، مناشدة الحكماء والغيورين على صورة المغرب الدولية بالتدخل لإنقاذ القطاع من "الاستسهال" الذي يفتح الباب أمام صحافة التشهير والابتزاز، مؤكدة أن معركة استقلالية المهنة قد بدأت لتوها.
هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى
