دعت رئاسة النيابة العامة إلى التعجيل بتبني صياغة جديدة وشاملة للقانون الجنائي، تتلاءم مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، وتتجاوز الثغرات التي كشفتها الممارسة القضائية، وذلك على رأس سلسلة توصيات استراتيجية تضمنها التقرير السنوي لعام 2024 حول "سير النيابة العامة وتنفيذ السياسة الجنائية".
- أزمة موارد بشرية حادة
كشف التقرير عن حاجة ملحة لتعزيز الجسم القضائي، مؤكداً وجود خصاص يقدر بـ 800 قاضٍ في صفوف النيابة العامة. وأوضح التقرير أن المهام المتزايدة، خاصة بعد دخول قانون "العقوبات البديلة" حيز التنفيذ والارتقاب الوشيك لتعديلات مسطرة الجنائية، تجعل الموارد البشرية الحالية غير كافية لمواكبة حجم العمل الضخم.
ولم تقتصر مطالب التعزيز على القضاة فحسب، بل شملت المساعدين الاجتماعيين لتفعيل العقوبات البديلة، المتخصصين في مجالات الإحصاء والمعلوماتية، قضاة تطبيق العقوبات لدعم المحاكم الابتدائية وضمان تخصصهم، وكذلك الشرطة القضائية عبر الرفع من إمكاناتها المادية والقانونية لمواجهة الجرائم الحديثة.
- رقمنة منظومة العدالة
و على المستوى التقني، شددت الرئاسة على ضرورة الانتقال الكامل نحو "العدالة الرقمية" عبر تحديث نظام "SAJ2" ليشمل كافة مراحل التقاضي والمراسلات الإدارية، تطوير لوحات قيادة ذكية للتتبع الآني لوضعية الاعتقال الاحتياطي والبحث الآلي عن البرقيات، اعتماد نظام "الأبوستيل" الإلكتروني وتيسير التبليغ الرقمي لأطراف الدعوى، و ربط معلوماتي آمن مع الشركاء الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم الشرطة القضائية، لإحالة المحاضر إلكترونياً.
- إصلاحات هيكلية وحقوقية
و تطرق التقرير إلى ضرورة معالجة قضايا لوجستيكية وحقوقية ملحة، منها الصحة السجنية عبر تهيئة فضاءات استشفائية خاصة بالسجناء داخل المستشفيات العمومية، وتعزيز مؤسسات الطب النفسي لتفادي بقاء المحكومين بانعدام المسؤولية الجنائية داخل السجون.
وعلى مستوى حماية الضحايا بإحداث بنيات مؤسساتية لرعاية ضحايا الاتجار بالبشر والنساء والأطفال، مع وضع إطار قانوني واضح للتعامل بالعملات المشفرة وآليات حجزها، إلى جانب الرفع من عدد الأطباء المتخصصين لضمان تغطية جغرافية متكافئة.
واختتمت رئاسة النيابة العامة تقريرها بتجديد التزامها بالدفاع عن الحق العام وصون النظام العام، مؤكدة أن هذه التوصيات تهدف في جوهرها إلى تعزيز ثقة المواطن في القضاء وجعل النيابة العامة أداة فاعلة لحماية الحقوق والحريات في إطار دولة الحق والقانون.
هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى
