عاد الاتفاق الأمني الموقع بين تونس والجزائر إلى واجهة الجدل السياسي والإعلامي، بعد تسريب وثائق هذا الشهر من مصادر جزائرية، تتحدث عن بنود تسمح للقوات الجزائرية بالتدخل داخل التراب التونسي بطلب رسمي من السلطات التونسية، في إطار مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مع إمكانية التوغل لمسافة تصل إلى 50 كيلومترا، والوصول إلى مؤسسات سيادية عند الاقتضاء.
وتشير الوثائق ذاتها إلى أن تونس تتحمل كافة النفقات اللوجستية وتعويض القوات الجزائرية، مع إمكانية تقديم موارد طبيعية كبديل مالي في حال العجز عن الدفع، ما أثار مخاوف بشأن تداعيات الاتفاق على القرار السيادي الوطني.
النفوذ الجزائري يتعاظم في تونس
وأوضحت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن الوثائق المسربة أثارت قلقا واسعا في تونس، خاصة أن هذا النوع من الاتفاقيات يصنف ضمن أسرار الدولة ولا يعرض على البرلمان. كما اعتبرت الصحيفة أن الاتفاق يعكس حالة عدم التكافؤ ، ويبرز حجم النفوذ الذي تمارسه الجزائر على السلطة التونسية، بما يتعارض مع الخطاب الرسمي للرئيس قيس سعيد حول السيادة الوطنية.
وتضيف التقارير أن بعض المواد، ومنها المادة السادسة، تلزم تونس بإبلاغ الجزائر مسبقا قبل توقيع أي اتفاق أمني أو عسكري مع دول أخرى، ما يثير تساؤلات حول حرية القرار الوطني في المجال الدفاعي، خاصة في ظل الالتزامات المالية المرتبطة بأي تدخل مشترك.
الحكومة تنفي.. دون كشف التفاصيل
وعلى خلفية الجدل، سارعت السلطات التونسية إلى نفي صحة الوثائق، ووصفتها بالمزورة، لكنها لم تقدم توضيحات تفصيلية حول مضمون الاتفاق. ويرى خبراء أن هذا الفراغ الاتصالي يزيد من حالة الالتباس، لاسيما مع اعتماد تونس بشكل متزايد على الجزائر منذ وصول قيس سعيد للحكم.
وفي المقابل، دعت حركة حق المعارضة إلى نشر النص الكامل للاتفاق على الرأي العام، مؤكدة أن الشفافية وحدها كفيلة بحسم الجدل. واعتبرت أن الحراك النقاشي يعكس يقظة مجتمعية وحرصا على المصلحة الوطنية، لكنه يكشف أيضا هشاشة التواصل الرسمي في القضايا السيادية.
علاقة إستراتيجية.. بشرط احترام السيادة
وشددت الحركة على أن علاقات تونس بالجزائر تبقى تاريخية واستراتيجية، لكنها تقوم على مبدأ الندية والوضوح، محذرة من الاعتماد المفرط على توازنات خارجية بدل تثبيت الشرعية الداخلية.
وكانت وزارة الدفاع الجزائرية قد أعلنت، في 7 أكتوبر 2025، توقيع اتفاق حكومي مشترك للتعاون الدفاعي مع تونس، واعتبرته محطة مفصلية في تعزيز العلاقات العسكرية، غير أن تفاصيل بنوده لم تنشر حتى اليوم.
هذا المحتوى مقدم من آش نيوز
