اعتبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أحمد التهامي أن الحوار المهيكل الذي تقوده البعثة الأممية في ليبيا مجرد مسرحية عبثية ، مشددًا على أن تقييمه مرتبط بمجموعة من الظروف، إلاّ أن جوهره يتجلى في التناقض الواضح في مواقف البعثة الأممية.
وأضاف التهامي في تصريحات لقناة ليبيا الأحرار ، رصدتها الساعة 24 ، المبعوثة هانا تيتيه تؤكد في تصريحاتها على أهمية الحوار وضرورته الوطنية وتأثيره على مستقبل ليبيا، ثم تعود لتعلن أن نتائجه غير ملزمة، متسائلًا: كيف يمكن أن يكون مسارًا وطنيًا ومؤثرًا وضروريًا، وفي الوقت ذاته غير ملزم؟ مؤكدًا أن مجرد وصف مخرجاته بغير الملزمة، يكفي للاستنتاج بأنه جهد يُبذل في الهواء.
وأوضح أن ما يجري اليوم لا يتعدى كونه تحريكًا لـ الساقية المعتادة للأمم المتحدة، أي تدوير الإجراءات دون تحقيق نتائج حقيقية، مع صرف أموال طائلة بلا جدوى، مؤكدًا أن هذا المسار لا يقدم حلولًا فعلية للأزمة، بل يستهلك الوقت والموارد بلا فائدة. ووصف الحوار الأممي بأنه تضييع للوقت و ونسة سياسية لا أكثر.
واستدرك التهامي بأن ذلك لا يعني وجود بديل واضح في ظل استمرار الانقسام القائم في البلاد، مشيرًا إلى أنه، حتى لو استمر الحوار، ووصل إلى نتائج، فإن عدم إلزامية نتائجه يجعله عبثيًا في النهاية. مبيناً أن الأمم المتحدة قد تحاول الالتفاف أو المناورة، لكن هذا الأمر ليس في متناولها، كما أن مجلس الأمن غير قادر على فرض أي مسار بسبب الانقسام الحاد داخله بين روسيا والولايات المتحدة.
وحول مقاطعة الأطراف الرئيسية، لا سيما في الشرق، أكد التهامي أن هذه الأطراف لا ترى في الحوار أي جدوى، وبالتالي تعتبر الاستمرار فيه نوعًا من العبث. وكشف أنه سبق أن دعا حكومة أسامة حماد إلى طرد المبعوثة الأممية ومنعها من دخول المناطق الخاضعة لسيطرتها، إلى أن يتم تعيين مبعوث جديد أكثر عقلانية وتفهمًا لاحتياجات الليبيين.
وأشار التهامي إلى أن تحسين أداء البعثة الأممية ممكن عبر تغيير المبعوثة أو تعديل تركيبة البعثة نفسها، أو حتى نقل مقرها إلى بنغازي، معتبرًا أن هذه الإجراءات قد تسهم في تعزيز فاعلية عمل البعثة، ومؤكدًا في الوقت نفسه أن هذا الخيار ليس مستحيلًا.
ولفت التهامي، إلى أن الخيار الأمثل يكمن في حكومة وطنية قادرة على فرض سيطرتها على الأرض، ومنع تدخل البعثة بشكل غير فعال، مؤكّدًا ضرورة أن تكون القيادة أكثر تفهمًا لاحتياجات الليبيين وواقعية في إدارة الأزمة.
وأشار إلى أن الضغوط الدولية، لم تستطع موازنة تأثير الأطراف الفاعلة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها، ما يجعل أي اتفاق على الورق غير قابل للتطبيق عمليًا. وأضاف أن أي تحسين لأداء بعثة الأمم المتحدة، مثل نقل مقرها إلى بنغازي، يمكن أن يسهم في أداء أفضل، لكنه لن يغيّر المعادلة السياسية القائمة.
وأكد التهامي، أن الأطراف الليبية، رغم كل الضغوط الخارجية، تتحكم في جزء من المشهد، مشيرًا إلى ضرورة فهم أن الحلول الحقيقية لن تأتي إلا من الداخل الليبي مع توافق محلي وبتنسيق مع المجتمع الدولي، وليس بالاعتماد على قرارات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن وحدهم.
ونوه التهامي إلى أن استراتيجية البعثة الأممية تركز على فاعلين جدد على حساب الأطراف الليبية القوية والمسيطرة على الأرض، وهو ما يقلل من فرص نجاح أي عملية سلام. مشيرا إلى أن بعض القوائم التي تم تداولها تضم أسماء من بنغازي تعمل في مجالات الحقوق والقانون، لكنها لا تمثل القوى السياسية المؤثرة في البلاد.
كما شدد على أن الحلول العملية لن تأتي بمجرد جهود الأمم المتحدة، بل تعتمد على التواصل المباشر بين الأطراف الليبية المختلفة، سواء شرقاً أو غرباً، واعتبر أن المسار المصري التركي يعتبر مثالًا على أهمية التوافق الإقليمي لتحقيق أي اختراقات ملموسة في الملف الليبي.
من جهة ثانية لفت التهامي أن ليبيا ليست على جدول أولويات الصراع بين واشنطن وموسكو، مشيراً إلى أن الاهتمام الروسي والأمريكي بالملفات الليبية محدود مقارنة بملفات أخرى على الساحة الدولية، وأن أي تدخل روسي لن يكون بهدف القتال في ليبيا، وإنما مرتبط بمصالح استراتيجية في البلاد، بما في ذلك رفض أي قرارات تستهدف الجيش الوطني.
وأوضح التهامي، أن تسوية الأزمة الليبية تتطلب بالدرجة الأولى اتفاقاً بين الأطراف المحلية، مؤكداً أن نجاح أي اتفاق محلي يسهل على المجتمع الدولي اتخاذ قرارات واضحة بدعم الانتخابات الرئاسية تحت إشراف قضائي دولي.
وأشار التهامي إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن الاعتماد على الاتفاقات الدولية أو المحلية وحده لا يكفي، وأن الحل الأمثل يكمن في التنسيق بين الأطراف لتحقيق استقرار مستدام وإعادة الشعب الليبي إلى صميم العملية السياسية، وهو محور النقاشات الحالية التي تُعنى بمستقبل ليبيا واستقرارها السياسي والاقتصادي.
هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا
