تتصدر البيصارة لائحة الأطباق الأكثر حضورا على موائد المغاربة مع حلول فصل الشتاء، باعتبارها واحدة من الوجبات التقليدية التي ارتبط استهلاكها بانخفاض درجات الحرارة وحاجة الجسم إلى غذاء دافئ وغني بالطاقة.
ويزداد الإقبال على هذه الوجبة الشعبية، حينما تسود أجواء البرد القارس وتسجل تساقطات مطرية وثلجية بعدد من مناطق المملكة، ما يجعل البحث عن أطعمة ساخنة أمرا ضروريا لمواجهة قساوة الطقس.
ويقبل المغاربة، في المدن كما في القرى، على استهلاك البيصارة باعتبارها خيارا غذائيا متاحا وسهل التحضير، يعتمد أساسا على الفول المجفف المجروش بعد إزالة قشرته، ويطهى في الماء مرفوقا ببعض الخضراوات والتوابل، قبل أن يقدم ساخنا مع خبز القمح أو الشعير، كما تستهلك في الغداء أو العشاء، فيما يفضلها البعض أيضا كوجبة فطور خلال أيام البرد الشديد.
وتحظى هذه الوجبة بمكانة خاصة في العادات الغذائية المغربية، كونها تجمع بين البساطة والقيمة الغذائية العالية، فضلا عن بعدها الاجتماعي، إذ تعد من الأكلات التي لا تفرق بين الغني والفقير، وتنتشر بشكل واسع داخل الأحياء الشعبية والأسواق التقليدية، كما في المطاعم الصغيرة المتخصصة في بيعها خلال فصل الشتاء.
ويقبل المواطنون على البيصارة لما توفره من طاقة تساعد على مقاومة البرد، إذ يشير مختصون في التغذية إلى أن الفول، المكون الرئيسي للوجبة، غني بالبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية، من بينها الحديد والفوسفور، إضافة إلى مساهمته في تقوية المناعة وتحسين وظائف القلب، ما يجعل البيصارة وجبة مفضلة خلال الفترات الباردة.
ولا تتطلب البيصارة وقتا طويلا في الإعداد، إذ يمكن تحضيرها في مدة لا تتجاوز نصف ساعة، وهو ما يفسر انتشارها الواسع داخل البيوت المغربية، إلى جانب طابعها الاقتصادي، حيث يكفي مقدار محدود من الفول لإعداد وجبة مشبعة لعدد من الأفراد، بتكلفة منخفضة مقارنة بوجبات أخرى.
وتختلف طرق إعداد البيصارة من منطقة إلى أخرى، إذ تضاف إليها مكونات محلية بحسب الخصوصيات الجغرافية، حيث يستعمل زيت الزيتون في أغلب المناطق، فيما يتم تعويضه بزيت أركان في بعض مناطق الجنوب، بينما تضاف خضراوات مختلفة في الشمال والأطلس، دون أن يؤثر ذلك على طابعها التقليدي الذي حافظت عليه عبر الزمن.
هذا المحتوى مقدم من بلادنا 24
