قال الخبير النفطي محمد الشحاتي إن صناعة النفط تُعد قطاعًا ذا طابع مزدوج يجمع بين البعد الأمني والطابع التجاري، ما يفرض ضرورة الالتزام بالشفافية في التشغيل، إلى جانب توفير رؤوس أموال كبيرة لضمان استمراريتها وتطورها.
وأوضح الشحاتي في تصريحات لقناة سلام ، رصدتها الساعة 24 ، أن العمل في هذا القطاع يرتكز على محورين أساسيين، يتمثل أولهما في رفع معدلات الإنتاج، بينما يركز الثاني على تعزيز معايير البيئة والسلامة.
شدد الشحاتي، على أن زيادة الإنتاج تمثل أولوية قصوى في المرحلة الراهنة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الالتزام بالمعايير البيئية وإجراءات السلامة لا يقل أهمية عن تحقيق الأهداف الإنتاجية، بما يضمن تطوير القطاع النفطي بصورة متوازنة ومستدامة.
وقال إن الإنفاق على المؤسسة الوطنية وشركات النفط يمثل عاملًا أساسيًا لضمان استمرار العمليات الإنتاجية، مشيرًا إلى أن البعد الأول لهذا الإنفاق يتعلق بزيادة الإنتاج، والذي ينعكس مباشرة على الدخل القومي وبالتالي على الأمن القومي. وأضاف أن نقص التمويل يؤدي إلى تأثيرات سلبية على العمليات الإنتاجية، بما في ذلك احتمالات التسرب وفقدان الاحتياط النفطي واستخدام معدات غير ذات كفاءة، ما ينعكس سلباً على أمن الحقول والمناطق المحيطة، مثل الواحات والموانئ النفطية.
وأشار إلى أن الانخفاض في الإنفاق سابقًا تسبب في تسربات نفطية وانبعاثات غازية، مؤكداً أن هذه التداعيات يمكن أن تصبح ملموسة خلال فترة قصيرة إذا استمر انقطاع ميزانيات النفط.
وبينّ أن الإنتاج النفطي يعاني من معدل انحدار يصل إلى نحو 12% من الإنتاج الثانوي، مما يستدعي اكتشافات جديدة لتعويض هذه الخسائر.
وأوضح أن الإنتاج النفطي انخفض من 1.8 مليون برميل يوميًا عام 2010 إلى نحو 1.3 مليون برميل يوميًا حاليًا، مشيراً إلى أن الميزانيات المخصصة للصناعة ليست استثنائية، بل تمثل نحو 15% من الدخل القومي، أي ما يعادل نحو 5 مليارات دولار سنويًا.
وأكد أن زيادة الإنتاج بمقدار 200 ألف برميل يوميًا مؤخرًا يعود للجهود المبذولة، لكنه شدد على أن تحقيق مستويات إنتاجية أعلى يتطلب صرف ميزانيات أكبر واستثمارات مستمرة.
وكشف أن المؤسسة الوطنية للنفط لجأت في الفترة الماضية إلى الاستفادة من اتفاقيات الشراكة مع الشركات الأجنبية لتغطية احتياجاتها التمويلية، حيث ساهمت هذه الشركات برفع إنفاقها بما يغطي حصتها وحصة المؤسسة، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب ساعد على استمرار العمليات الإنتاجية مؤقتاً.
ومع ذلك، أشار إلى أن انخفاض الدخل النفطي خلال الشهور الأخيرة أدى إلى تراجع الإيرادات القومية والمبيعات النفطية، ما جعل المؤسسة تواجه صعوبة في تمويل عملياتها اليومية، والتي تشمل الكهرباء، المواد الكيميائية، الحفر، النقل، الضخ، وأجور العمال، مؤكداً أن المؤسسة تعتمد تقريباً على 15% من دخل النفط لضمان استمرار الإنتاج اليومي.
ورأى الشحاتي، أن معالجة هذه الأزمة تتطلب تدخل الدولة المباشر لتخصيص المبالغ اللازمة للمؤسسة، مشيراً إلى أن القانون الأساسي للمؤسسة وقرارات إنشائها تضمن تحويل هذه المخصصات بشكل رسمي.
واعتبر أن غياب التقارير المالية الدقيقة عن الإنفاق يمثل جزءاً أساسياً من المشكلة، حيث يصعب تقييم مدى صرف الأموال بشكل فعّال على الإنتاج، وهو ما يجعل المسؤولية عن توقف الميزانية تقع على أكثر من طرف.
وختم الشحاتي حديثه، مؤكداً أن انقطاع تمويل المؤسسة لا يمكن حله إلا بتطبيق نموذج تمويل واضح وشفاف، يضمن استمرار العمليات الإنتاجية ويعزز الرقابة المالية والمساءلة داخل المؤسسة.
هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا
