أكد المحلل السياسي، عصام الزبير، أن أي حوار حول الأزمة الليبية يجب أن يتميز بالوضوح والشفافية والمصداقية، بجانب تحديد الرؤية والمعالم وآلية الطريق، مع الكشف عن أسماء المشاركين وآلية اختيارهم، لتحديد ما إذا كان الحوار يشمل جميع الليبيين أم يقتصر على مجموعة محددة دون الانحياز لأي فريق سياسي.
وقال الزبير في تصريحات لقناة «سلام»، رصدتها «الساعة 24»، إن البداية الصحيحة للحوار المهيكل يجب أن تستند إلى هذا الأساس قبل أي تقييم لمساره. وأشار إلى أن تكرار الصيغ السابقة للحوارات أدى إلى عدم وجود ضمانات كافية لنجاحها، مؤكدًا أن اللجنة الاستشارية ليس لها دخل في القرارات، ومع ذلك وجدنا أنفسنا في أربع مسارات متوازية، وهي نفسها طريقة الحوار المهيكل الحالي، الذي لا يهدف إلى إنهاء الانقسام السياسي أو إصدار توصيات أو قرارات مباشرة، وإنما لتوليد أفكار قد تستمر لأشهر عديدة دون حل الأزمة.
وأضاف أن الحوارات السابقة لم تحقق نتائج ملموسة، حيث أُعيد إنتاج نفس الشخصيات والمقاربات الفكرية، قائلاً: نرى دائمًا تكرار الأشخاص الذين أخرجوا لنا حكومات في الصخيرات وجنيف، والآن قد يحدث نفس الحوار دون أن يقدم حلولًا جديدة.
وشدد الزبير، على أهمية تقليل التدخلات الخارجية، معتبرا أن تجفيف التدخل الأجنبي هو الأساس المشترك للوصول إلى حل ليبي حقيقي. وأوضح أن البعثة الأممية نشرت جميع المعلومات والمعايير المتعلقة باختيار المشاركين، بما في ذلك فيديوهات الجلسات، مما يحد من أي غموض في العملية، ولكنه أعرب في الوقت ذاته، عن قلقه من أن هذه الجلسات قد تكرر نفس النتائج السابقة دون إضافة قيمة حقيقية.
وانتقد الزبير، ما وصفها بمحاولات الأمم المتحدة إدارة الأزمة الليبية بعيدًا عن الإطار الدستوري، مؤكدًا أن ليبيا تحت حكم البعثة الأممية، لكن هذا لا يلغي حق المجالس التشريعية في إدارة الشأن الوطني. واعتبر أن أي توصيات أو قرارات تصدر عن الحوار لا يمكن اعتبارها ملزمة إلا بعد إحالتها للجهات التشريعية، مشيرًا إلى أن مجلس الدولة أعلن اختيار أربعة أشخاص من المشاركين، ومع ذلك تُعامل القرارات كمقترحات وليست توصيات أو قرارات نافذة.
ورأى الزبير أن هناك ضعفًا في الضغوط الدولية على هذه الجهات لضمان التزامها بالقوانين، معتبراً أن المجتمع الدولي يبدو راضيًا عن استمرار الأزمة، بل وربما يسهم بشكل غير مباشر في إطالة أمدها. وتساءل عن سبب تجاهل الدستور في الحوار الحالي: لماذا يتم القفز بعيدًا عن الدستور، في حين أن القرارات التي تم التوصل إليها لم تتم بموافقة شبه جماعية؟ لماذا نتحدث دائمًا عما يأتي إلينا من الخارج؟
ولفت الزبير إلى تصريحات رئيسة البعثة الأممية، هانا تيتيه بشأن الحوار، والتي أكدت فيها أن الحوار لن يكون منبرًا شاملاً لجميع الليبيين، بل سيشمل أطرافًا خارجية، وهو ما يضعف شرعيته. وبيّن أن مدونة السلوك المشار إليها لم تُفعل بالشكل الصحيح، إذ لم يُحدد بوضوح العواقب على المخالفين، مؤكدًا أن الحوار الحالي ضعيف وغير واضح، ويفتقر إلى آليات ملموسة، مع وجود مسارات ضخمة تتطلب جهودًا كبيرة لإجراء حوارات فعلية.
وقال الزبير، إن الوضع الحالي في ليبيا مشتت وعشوائي، وأن بعض الأطراف تتحفظ عن كشف مسارات الأزمة خوفًا من إثارة مشاكل جديدة أو حدوث عرقلة. منوهاً إلى أن المسار الأمني يحتاج إلى توحيد القوى الأمنية بشكل متوازن بين الشرق والغرب، لضمان الاستقرار وتحريك الاقتصاد وإنتاج الطاقة، مؤكدًا أن الحلول الأمنية يجب ألا تكون مقتصرة على جهة واحدة، بل يجب أن تخدم مصالح الشعب الليبي وحقوق الإنسان والديمقراطية.
وتابع الزبير: بعض المؤسسات، مثل المفوضية العليا للانتخابات، شهدت تحولات في مواقف الأطراف المعنية، مع استمرار المناكفات حول بقاء قياداتها، مؤكّدًا أنه لا يمكن الاعتماد على أي خطوة لا تأتي بمصارحة الشعب ولا تقدم خدمة جدية لحل الإشكاليات الأساسية للأزمة. وشدد الزبير على أن الحلول المؤقتة والتدخلات الخارجية المتكررة منذ 2014 لم تُفضِ إلى أي تقدم ملموس، مضيفًا: مرّ علينا عدد كبير من المبعوثين، وتواصلت البعثة مرارًا مع مجلسي النواب والدولة، ومع ذلك لم يتم إحراز أي نتيجة حقيقية لحل الأزمة أو معالجة جذورها .
ورأى أن الحلول الفعلية يجب أن تركز على معالجة جذور الأزمة، بعيدًا عن المصالح المؤقتة للأطراف أو التدخلات الخارجية، مشددًا على أن الشعب الليبي هو المرجعية الأساسية لأي خطوة إصلاحية حقيقية. وأكد أن المشكلة لا تتعلق بمكان الاجتماعات أو اللقاءات، بل بنهج الحوار نفسه، الذي لا يعكس مصالح الليبيين بشكل حقيقي، مشيرًا إلى أن الليبيين تقريبا جابوا أغلب عواصم العالم دون تحقيق نتائج ملموسة.
هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا
