في ظل سياق اقتصادي دولي يتسم بقدر كبير من عدم اليقين، قرر مجلس بنك المغرب الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في حدود 2,25 في المائة، وهو قرار اعتبره عدد من الخبراء الاقتصاديين منسجما مع المعطيات الراهنة، سواء على المستوى العالمي أو الوطني.
قرار متوقع
وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي محمد جدري أن قرار تثبيت سعر الفائدة كان متوقعا ، بالنظر إلى استمرار الاضطرابات التي تطبع الاقتصاد العالمي، وعلى رأسها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وما يرافقها من إجراءات مرتبطة بالتعريفات الجمركية، فضلا عن العراقيل الجيوسياسية التي يشهدها الشرق الأوسط.
وأوضح جدري، في تصريح لـ بلادنا24 ، أن العالم لم يستعد بعد مستوى الاستقرار الذي كان سائدا قبل جائحة كورونا سنة 2020، وهو ما يفرض على البنوك المركزية، ومنها بنك المغرب، توخي الحذر في اتخاذ قراراتها النقدية، خاصة في ظل بيئة دولية غير مستقرة ومتقلبة.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن سعر الفائدة الرئيسي الحالي يوجد في مستويات مقبولة وملائمة للاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن هذا المستوى من شأنه دعم الانتعاش الاقتصادي وتحفيز الاستثمار، كما يساهم في تسهيل الولوج إلى التمويلات البنكية، التي أصبحت بدورها في مستويات معقولة مقارنة بالسنوات السابقة.
بعيد عن المستويات المرتفعة
وشدد جدري على أن تثبيت سعر الفائدة الرئيسي في حدود 2,25 في المائة يظل بعيدا عن المستويات المرتفعة التي عرفتها بعض الاقتصادات الكبرى، مثل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغت أسعار الفائدة حوالي 4 في المائة، معتبرا أن الوضع بالمغرب يبقى مقبولا في ظل التحكم النسبي في الموجة التضخمية.
وفي السياق ذاته، أبرز المتحدث، أن أسعار الطاقة تعرف بدورها استقرارا نسبيا، حيث تتراوح أسعار النفط ما بين 60 و70 دولارا للبرميل، وهو عامل إيجابي يخفف من الضغوط التضخمية على الاقتصاد الوطني، ويدعم القدرة الشرائية ويحد من ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وعلى مستوى الأداء الاقتصادي، أشار المحلل الاقتصادي إلى أن مستويات النمو بالمغرب تبقى مقبولة، مع توقعات بأن تنهي المملكة السنة الجارية بنسبة نمو قد تصل إلى 5 في المائة، وهي نسبة وصفها بالاستثنائية، خاصة وأنها لم تتحقق منذ سنوات طويلة، ما يعكس تحسنا ملحوظا في الدينامية الاقتصادية.
توازن ضروري
وأكد جدري، أن الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير يشكل توازنا ضروريا بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على الادخار، موضحا أن خفض سعر الفائدة إلى مستويات منخفضة جدا قد يؤثر سلبا على سلوك المدخرين ويحد من قدرتهم على الادخار، وهو ما قد ينعكس على التوازنات المالية على المدى المتوسط.
من جهته، أعلن بنك المغرب، في بلاغ صادر عقب الاجتماع الفصلي الرابع لمجلسه برسم سنة 2025، المنعقد أمس الثلاثاء بالرباط، أن قراره بالإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير يأتي بالنظر إلى المستوى المرتفع لعدم اليقين، المرتبط أساسا باستمرار التوترات الجيوـاقتصادية على الصعيد الدولي، وبالأوضاع المناخية على المستوى الداخلي .
وأكد البنك المركزي أنه سيواصل تتبع تطورات الظرفية الاقتصادية عن كثب، مشددا على أن قراراته خلال الاجتماعات المقبلة ستظل مبنية على أحدث المعطيات المحينة، بما يضمن الحفاظ على الاستقرار المالي ودعم النمو الاقتصادي في ظل التحديات الراهنة.
هذا المحتوى مقدم من بلادنا 24
