أسامة طنان.. قدم كقوس لا يخطئ وسهم شق سماء لوسيل

دخل اسم أسامة طنان نهائي كأس العرب من أوسع أبوابه، لا كرقم في ورقة المباراة ولا كحاشية في تقرير فني، بل كلقطة استثنائية اخترقت الزمن والمكان، حين أطلق تسديدة من مسافة بعيدة في الدقيقة الرابعة، فارتفعت الكرة كأنها سهم أفلت من قوس مشدود، قبل أن تهبط في شباك الحارس الأردني يزيد أبو ليلى، معلنة تقدم المنتخب الوطني في الشوط الأول من النهائي الذي احتضنه ملعب لوسيل في الدوحة، ومانحة الجماهير هدفا سيظل حاضرا في ذاكرة البطولة، بل في ذاكرة العام الكروي 2025.

الكرة تسبق الجميع إلى الشباك

ذلك الهدف المبكر، الذي ولد من قراءة ذكية للملعب وخروج غير محسوب للحارس، لم يكن مجرد تسديدة بعيدة ناجحة، بل تعبيرا مكثفا عن لاعب يملك حس اللحظة وقدرة نادرة على تحويل التفاصيل الصغيرة إلى مشاهد كبيرة.

تسديدة طنان قطعت أكثر من نصف الملعب، واستقرت في الشباك بهدوء المنتصر، لتصنف سريعا كأجمل أهداف البطولة، وواحد من أروع أهداف السنة، لما حملته من جرأة ودقة وجمال بصري خالص.

أسامة طنان، المولود في 23 مارس 1994 بمدينة تطوان، لم تكن رحلته مع كرة القدم مستقيمة ولا سهلة. غادر المغرب رفقة عائلته وهو في عامه الأول نحو هولندا، حيث نشأ كرويا بين مدارس صارمة صقلت موهبته، وحصل لاحقا على الجنسية الهولندية.

وفي ملاعب الفئات الصغرى، تنقل بين أياكس وإيندهوفن وأوتريخت، قبل أن يجد فرصته الأولى مع فريق هيريفين، الذي لعب له موسم 2012-2013، فاتحا له باب الاحتراف المبكر.

بين 2013 و2016، دافع طنان عن ألوان هيراكوليس، حيث بدأت ملامح لاعب جناح بقدم يسارية دقيقة وقدرة على التسديد من خارج المنطقة في الظهور، ما قاده إلى تجربة في الدوري الفرنسي مع سانت إيتيان. غير أن تلك المحطة لم تمنحه الاستقرار المنتظر، فتنقل معارا بين لاس بالماس الإسباني وفيتيس أرنيم الهولندي، قبل أن يستقر نهائيا مع الأخير صيف 2020.

لاحقا، حمل قميص غوتزيبي التركي ونيميغن الهولندي إلى غاية صيف 2023، ليختار بعدها خوض تجربة جديدة في الخليج، منتقلا إلى نادي أم صلال القطري.

مسار لاعب لا يحب الضجيج

وعلى المستوى الدولي، حمل طنان قميص منتخبات هولندا للفئات السنية أقل من 17 وأقل من 19 سنة، وبلغ المنتخب الأول، قبل أن يحسم قراره سنة 2016 بتمثيل منتخب بلده الأم، المغرب، بعد دعوة من الناخب الوطني السابق بادو الزاكي. غير أن ظهوره الرسمي مع أسود الأطلس بدأ تحت قيادة الفرنسي هيرفي رينارد، حيث شارك في 10 مباريات دولية وسجل هدفين، قبل أن يغيب عن حسابات المنتخب منذ سنة 2020.

عودة أسامة طنان إلى الواجهة الدولية جاءت من بوابة كأس العرب، حين قرر طارق السكتيوي، مدرب المنتخب الوطني الرديف المشارك في البطولة، منحه فرصة جديدة، فاستجاب اللاعب بثقة، وشارك في جميع مباريات المسابقة، مقدما أداء متوازنا جمع بين الخبرة والرغبة في إثبات الذات.

وفي النهائي، لم يحتج سوى دقائق قليلة ليضع بصمته الأبرز، مؤكدا أن بعض اللاعبين لا يعودون للمنتخب بالأقدام فقط، بل بالقصص المؤجلة.

ويلعب طنان كمهاجم صريح أو على الأطراف، ويعرف بتسديداته القوية وقدرته على المراوغة وصناعة الفارق في المساحات الضيقة، غير أن هدف لوسيل اختصر كل تلك الصفات في لقطة واحدة، بدت فيها قدمه كقوس لا يخطئ، والكرة كسهم شق سماء الملعب، قبل أن يهبط في الشباك، تاركا خلفه دهشة الخصم وتصفيق المدرجات.

وفي نهائي عربي مشحون بالحسابات والضغط، ومختوم بفوز أبناء السكتيوي بثلاثة أهدف مقابل هدفين، اختار طنان طريق البساطة المدهشة، وأعاد كتابة اسمه بحبر بعيد المدى، مثبتا أن كرة القدم لا تعترف فقط بمن يحضر دائما، بل أيضا بمن يعرف متى يعود، وكيف يترك أثره في اللحظة التي تستحق.


هذا المحتوى مقدم من بلادنا 24

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بلادنا 24

منذ 7 ساعات
منذ 33 دقيقة
منذ 5 ساعات
منذ 45 دقيقة
منذ 6 ساعات
منذ ساعتين
Le12.ma منذ 9 ساعات
Le12.ma منذ 12 ساعة
هسبريس منذ 9 ساعات
هسبريس منذ 3 ساعات
Le12.ma منذ 4 ساعات
هسبريس منذ 21 ساعة
Le12.ma منذ 14 ساعة
موقع بالواضح منذ 16 ساعة