يعاني العديد من الصحافيين والإعلاميين والباحثين، من صعوبات كبيرة في الوصول إلى المعلومة المتعلقة بالقطاعات الحكومية والإدارات والمؤسسات العمومية والبرلمان والقضاء والمجلس الأعلى للحسابات والجماعات والعمالات، حول البرامج أو المشاريع والإجراءات أو نتائج التحقيقات والاستطلاعات، حيث يصطدمون بأبواب مغلقة أو تماطل في الحصول على المعلومة رغم وجود القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، والذي ينص على تمكين العموم من المعلومة المطلوبة.
يطرح الحق في الوصول إلى المعلومة، إشكالية كبيرة لدى الصحافيين، خاصة الراغبين في إنجاز تقارير أو مواضيع تتعلق بتدبير الشأن العام أو تتبع برامج أو مشاريع عمومية رصدت لها ملايير الدراهم، أو صفقات عمومية لمعرفة مصيرها، لا سيما في ظل المشاكل والتعثرات التي تعرفها بعض المشاريع التي لا تخرج لحيز الوجود، مثل برامج تأهيل المدن العتيقة، أو بناء المستشفيات الإقليمية، أو معالجة المنازل الآيلة للسقوط، أو مشاريع الماء، وغيرها.
ويرى باحثون أن الحق في الحصول على المعلومة حق إنساني وجزء جوهري لتعزيز الشفافية وروح المسؤولية والديمقراطية التشاركية في الوقت الذي تنتشر فيه ثقافة السرية والتعتيم من قبل العديد من الجهات، ومن أجل الممارسة السليمة لهذا الحق وتحقيق الأهداف والنتائج المرجوة، وجب العمل من خلال مجموعة من الآليات، ووضع البنيات التحتية الأساسية من موارد بشرية لأجل صيانة ترتيب أرشفة المعلومات، ونشر أسماء الأشخاص المكلفين بمنح المعلومات لطالبيها على المواقع الإلكترونية للهيئات والمؤسسات الملزمة بذلك.
وحسب تقرير لجمعية سمسم مشاركة مواطنة ، فإن نسبة الاستجابة العامة لم تتجاوز 33.33 %، حيث تم التوصل بـ 34 ردا فقط من أصل 102 طلب إلكتروني غير استعجالي، تم تقديمها عبر بوابة شفافية إلى 60 مؤسسة وهيئة على المستويين المحلي والوطني، وذلك خلال الفترة الممتدة من دجنبر 2023 إلى فبراير 2025، حيث يؤكد الرقم ضعف تجاوب عدد كبير من المؤسسات والهيئات المعنية، ومحدودية النشر الاستباقي للمعلومات، وتفاوت جودة الإجابات المقدمة، مما يحد من الأثر الفعلي لهذا الحق الدستوري في تعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأكد التقرير أن الحق في الحصول على المعلومات في المغرب يوجد اليوم عند مفترق طرق، فمن جهة تتوفر له الأرضية الدستورية والقانونية والمؤسساتية الأساسية، ومن جهة ثانية، يكشف الواقع عن فجوة واضحة بين النص والتطبيق، ويمثل تجاوز هذه الفجوة رهانا ديمقراطيا حقيقيا، يتطلب مراجعة القانون بما يحد من الاستثناءات الفضفاضة، ويقوي آليات المراقبة، مشددا على ضرورة الاستثمار في التكوين والتحسيس وتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني والإعلام، من أجل تحويل هذا الحق من نص قانوني إلى ممارسة مواطنة يومية تساهم في تعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الحكامة الجيدة.
فالنص القانوني، رغم تنصيصه على مبدأ النشر الاستباقي، لا يزال يتضمن صياغات تضعف طابعه الإلزامي، مثل عبارة في حدود الإمكان ، ما يفتح المجال لتأويلات تحد من نجاعته العملية وتفرغ هذا المبدأ من بعده الإلزامي، حيث يؤكد التصنيف العالمي للحق في الحصول على المعلومات هذه المحدودية باحتلاله المرتبة 92 من أصل 140 دولة، بتنقيط 74 نقطة من أصل 150، وهو ما يعكس فجوة واضحة بين الإطار القانوني الوطني والمعايير الدولية المعتمدة.
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الأسبوع الصحفي

