أرشيف البرلمان .. ذاكرة شاهدة على 70 عاما من العمل التشريعي والسياسي

أرشيف البرلمان، ذاكرة شاهدة على سبعين عاما من العمل التشريعي والسياسي بالمملكة، وسجل حي لتجربة هذه المؤسسة، ومرجع للأجيال المتعاقبة لإدراك ماضيها واستشراف مستقبلها.

فأرشيف البرلمان مصدر للمعلومات حول تاريخ أنشطة مجلسي النواب والمستشارين، ولجانهما الدائمة والموضوعاتية، وتفاعلاتها مع التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في المغرب.

ويضم هذا الأرشيف، خاصة في مجلس النواب، مكتبة ورقية ووسائط ودعامات تساعد على البحث والتنقيب. وتعد المكتبة بنية أساسية في حفظ الوثائق وتوفيرها للبرلمانيين والزائرين والباحثين الذين يرغبون في الحصول على معلومات وافية حول أنشطة البرلمان، أو التوفر على خلفية كرونولوجية عن أحداث وسياسات عمومية لقطاعات يهتمون بشؤونها.

فمسار البحث يحتاج إلى وثائق مكتوبة أو بواسطة دعائم رقمية تتيح امكانية تحليل السياسات عمومية وتساعد على استخلاص نتائج ذات مصداقية، سواء فيما يتعلق بالتشريع أو الأعمال التحضيرية، أو مناقشات اللجان الدائمة ولجان تقصي الحقائق والمهام الاستطلاعية، وكذا فيما يتعلق بالرقابة والدبلوماسية البرلمانية.

وتعد هذه المكتبة حاضنة للمعلومات التي يحتاجها البرلماني، والتي تساعده خلال مراحل سن القوانين، وتحسين مستوى النقاشات بفضل رصيد غني من المعلومات الموثوقة.

وأكدت سميرة فقير، رئيسة مصلحة المكتبة بمجلس النواب، أن المكتبة أسست لدعم وتقوية الوظائف الدستورية لمجلس النواب من خلال مد البرلمانيين بالمعلومات والوثائق الضرورية والمهمة لممارسة هذه الوظائف، وأيضا الطلبة والأساتذة الباحثين (مغاربة وأجانب) الذين يخصص لهم يوم كامل في الأسبوع.

وأبرزت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن رصيد هذه المكتبة يضم أكثر من 22 ألف كتاب، والعديد من الدوريات والصحف والجرائد الأسبوعية واليومية، إذ تشترك في أكثر من 200 عنوان مجلة علمية متخصصة، بالإضافة إلى الكتب المرجعية المتكونة من الموسوعات والمعاجم والقواميس والمدونات.

وذكرت أنها تضم أيضا المجموعة الكاملة للنشرة العامة للجريدة الرسمية بالعربية والفرنسية، والمجموعة الكاملة لمداولات مجلسي البرلمان التي لا توجد بعض أعدادها سوى لدى المكتبة، وكذا إصدارات ومنشورات مجلس النواب وبعض المؤسسات الدستورية والمنظمات والمؤسسات الوطنية والدولية.

ولا يقتصر الأمر على أعضاء المؤسسة التشريعية أو من ينوب عنهم داخل إدارة الفرق والمجموعات، بل يزور هذه المكتبة جميع المواطنين وخاصة الباحثين، الراغبين في الاستفادة من رصيدها الكبير.

فالطالب محمد الطاهري، الباحث في سلك الدكتوراه بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، تخصص علوم سياسية، لا يستبعد هذا الأرشيف من خطواته البحثية من حيث اللجوء إلى الوثائق التي يمكن أن تساعده على إغناء رسالته.

ويأتي ذلك، حسب محمد الطاهري، لكون الأرشيف مزود أساسي للمعلومات التي توثق لأحداث سياسية وتشريعية ، مضيفا أن ما نشهده من ثورة رقمية قد سهلت عملية الأرشفة، سواء تعلق الأمر بالمحتوى الرقمي أو حتى الورقي أو غيرهما .

وبحسب الباحث فإن الأرشيف يعتبر، فضلا عن وظيفته التقنية التوثيقية، خزانا حقيقيا لبناء الذاكرة الجماعية للشعوب، وخلفية قوية لتشكيل جزء من السرديات الوطنية .

من جانبه، يرى جواد الشفدي، رئيس المرصد المغربي للمشاركة السياسية، أن أرشيف البرلمان المغربي يحتفظ بالذاكرة التشريعية والمؤسساتية، ويشكل مصدرا علميا مهما يمكن الباحثين ومراكز البحث من تتبع التحولات السياسية والتشريعية التي عرفها المغرب.

وأبرز أن هذا الأرشيف يتيح، أيضا، إمكانية الاطلاع على مسارات إعداد القوانين، وطبيعة النقاش العمومي داخل المؤسستين التشريعيتين، ومواقف الفرق، وآليات المراقبة البرلمانية، وهو ما يمنح الباحثين، على الخصوص، مادة دقيقة لتحليل السياسات العمومية، وتقييم مستوى المشاركة والتمثيلية السياسية.

وشدد على أن الانفتاح المنهجي على أرشيف البرلمان المغربي يساهم في ترسيخ ثقافة المشاركة السياسية المبنية على المعرفة، وتعميق النقاش العمومي الرصين، من خلال إنتاج معرفة علمية موثوقة تساعد على فهم التجربة البرلمانية المغربية.

ويسهر البرلمان، في إطار الانفتاح على الجمهور، على نشر بعض وثائقه المؤرشفة في بوابته الإلكترونية التي تتضمن جوانب عديدة من عمله، مع استغلال فرصة دورات المعرض الدولي للكتاب بالمغرب بعرض عدد من الصور والفيديوهات والإصدارات والوثائق التي تبرز المحطات الأساسية التي ميزت العمل البرلماني، والذي واكب منذ البداية التطور المؤسساتي والديمقراطي والمجتمعي في المغرب، منذ إحداث المجلس الوطني الاستشاري سنة 1956، مرورا بالمصادقة على أول دستور للمملكة المغربية وإجراء الانتخابات التي انبثق عنها أول برلمان مكون من مجلسين مجلس النواب ومجلس المستشارين سنة 1963، وصولا إلى الفترة الحالية.

إن أرشيف البرلمان يظل مكونا أساسيا من مكونات هذه المؤسسة، بالنظر لدوره في توفير وثائق ومعلومات ذات قيمة تاريخية ووطنية تستفيد منها الأجيال القادمة.


هذا المحتوى مقدم من Le12.ma

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من Le12.ma

منذ 12 ساعة
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ ساعة
هسبريس منذ 3 ساعات
هسبريس منذ ساعتين
هسبريس منذ 4 ساعات
موقع بالواضح منذ 3 ساعات
هسبريس منذ 11 ساعة
هسبريس منذ 3 ساعات
موقع بالواضح منذ 5 ساعات
هسبريس منذ 17 ساعة